العفو والتسامح- سياسة السعودية الثابتة لاحتواء أبنائها

في بادرة كريمة تجسد رؤية القيادة الرشيدة، يعكس إعلان رئيس أمن الدولة، عبدالعزيز الهويريني، عن توجيه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالعفو الشامل عن المغرر بهم الذين استهدفوا المملكة من الخارج، نهجاً أصيلاً وسنة حميدة دأبت عليها القيادة السعودية على مر العصور. ويؤكد هذا التوجيه السامي على استقبال العائدين إلى حضن الوطن دون أي تبعات قانونية، ما لم يكونوا متورطين في قضايا جنائية خطيرة تتعلق بالحق الخاص أو جرائم القتل والاعتداء. إن موقف سمو ولي العهد ليس إلا استمراراً لمواقف تاريخية نبيلة شهدتها المملكة في مختلف العهود، حيث يظل الوطن ملاذاً آمناً لأبنائه الذين أدركوا خطأهم وعادوا نادمين، سواء أولئك الذين انخرطوا في صفوف المعارضة أو الذين وقعوا ضحية للتضليل والتأثير الخارجي من قبل جهات معادية. لقد كان العفو والتسامح صفتين بارزتين في شخصية الملك المؤسس، عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، الذي تعامل بحكمة ورحمة مع خصومه ومعارضيه. وشهد التاريخ كيف تبوأ العديد من أبناء وأحفاد أولئك المعارضين مناصب قيادية رفيعة في الدولة، واحتلت أسرهم مكانة اجتماعية مرموقة. بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك، حيث شمل العفو أولئك الذين عادوا إلى التمرد والعصيان، إلا أن حكمة الملك وحلمه كانا كفيلين باحتواء تلك المواقف، لتترسخ بذلك قيم العفو والتسامح كمبادئ أساسية قامت عليها هذه البلاد المباركة، مستمدة قوتها من العلاقة الأسرية الوثيقة التي تربط الأسرة الحاكمة بالشعب السعودي. وعلى ذات الدرب سار أبناء المؤسس، حيث عاملوا المتجاوزين والمسيئين للوطن من الخارج بروح الصفح والغفران، قبل أن يكتووا بنار الغربة القاسية ويدركوا قيمة العودة إلى الوطن. يشهد على ذلك العديد من المعارضين السابقين الذين يعيشون اليوم في أمان واستقرار، ويتقلدون مناصب رفيعة، ويمارسون أعمالاً حرة، بل ويتمتعون بحرية التعبير عن آرائهم في مختلف وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، باستثناء أولئك الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، فالإرهابيون القتلة لا مكان لهم بيننا. إنه باختصار.. وطن شامخ يتسع للجميع، وأسرة واحدة متماسكة، وأذرع مفتوحة لاستقبال العائدين، وقلوب رحيمة تملؤها المحبة، وأحضان دافئة تمنح الأمان والسكينة.